منحة القاضى عضو برونزى
عدد المساهمات : 1457 النقاط : 3417 تاريخ التسجيل : 26/05/2009 الاقامة : جدة العمل : مدرسة لغة انجليزية المزاج : لا اله الا الله محمد رسول الله اضف تعليق : مايلفظ من قول الالديه رقيب عتيد
| موضوع: أصول الحوار وآدابه في الإسلام الأربعاء ديسمبر 30, 2009 12:21 pm | |
| الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده
يخلط البعض او يفصل بين الحوار والجدال في المدلول وأداب الاختلاف في الحوار
والحوار (من المُحاورة ؛ وهي المُراجعة في الكلام. اما الجدال: فمن جَدَلَ الحبل إذا فَتَلَه ؛ وهو مستعمل في الأصل لمن خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب، ثم استعمل في مُقابَلَة الأدلة لظهور أرجحها.
والحوار والجدال ذو دلالة واحدة، وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى: {قَد سَمِعَ اللَّهُ قَوءلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوجِهَا وَتَشتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.
ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس: مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي.
وقد يكون من الوسائل في ذلك: الطرق المنطقية والمُسلَّمات، مما هو مبسوط في كتب وآداب البحث والمناظرة) فاذا علمنا ان الحوار والجدال متطابقان في المدلول فان علينا ان نعرف كيف يمكن ان نمارس الحوار والمجادلة في حياتنا .
الحوار جزء من حياة الانسان الذي منحه الله نعمة اللغة والفهم !
الاختلاف وانواعه:
يعرف الإمام الجرجاني الخلاف بانه "منازعة تجري من المتعارضين لتحقيق حق أو إبطال باطل".
ويذكر الدكتور "محمود سفر" في مقالة له " ان الاختلاف نوعان:: 1- اختلاف تنوع:
وهو اتفاق على الجوهر واختلاف في الجزئيات، كأن نتفق على أن الجمال قيمة مطلقة ورائعة، ولكنّا نختلف في طرق التعبير عنه ووصفه. وكأن نحب الورود، ولكنّا نختلف في تفضيلنا لألوانها. واختلاف التنوّع هذا يكون مقبولاً، بل مطلوب كي تسير الحياة بالتنوّع في الرأي بسلاسة ويسر، كما أن هذا التنوّع يمتاز بأن لا تتمخض عنه أزمات في الفكر أو العيش المشترك.
2اختلاف التضاد: وهو بأصنافه الثلاثة: المذموم، الممدوح، والمستساغ اختلاف في الجوهر وفي التفصيلات أيضاً، وهو يعني رأياً ضد رأي، وهذا النوع من الاختلاف هو ما يدور حوله ومعه الحديث. ولأن الأصل في اختلاف التضاد أنه يكشف عن آراء متباينة تجاه قضية معينة تكون مدار بحث وتحاور، نتيجة لغياب النظرة المشتركة من قبل المتحاورين، فإنه يكون أشد مراساً في التناول وأفسح مجالاً للحوار). إن منشأ الاختلاف بين البشر في الأفكار والتوجهات والمواقف يعود لأحد منشأين: 1- منشأ علمي ويمارسه العلماء والمفكرون وهو محمود اذا استهدف الاثراء العلمي والوصول الى اجتهاد معين 2- منشأ ذاتي وهنا يتركز الاختلاف على اهمية تحقيق المصالح الشخصية حيث تتضارب هذه المصلحة مع الطرف الآخر فيرفض الأختلاف لمجرد الخلاف سواء كان فكراً شخصياً او مصلحة عامة، وهذا الاختلاف اليوم اكثر استشراءً وانتشاراً عبر حداثة الوسائط الاعلامية. مشروعية الاختلاف:
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين}. لقد اقتضى الله أن يخلق الناس جميعاً مختلفين،والاختلاف أمر طبيعي يقرره القرآن والعقل والتاريخ أيضا ،وهذا الاختلاف هو من ثوابت نظام الخلق وقانون يعيش في دائرته جميع المخلوقات الكونية فلذا من الطبيعي ان نجد الناس مختلفين في افكارهم وسلوكياتهم وعاداتهم وعلينا قبول الآخر الذي يختلف عنا وليس محاولة استنساخه فكريا اذ انها محاولة خاسرة فقد خلق الله الناس مختلفين لحكمة وعبرة. إننا في رفضنا لهذا المختلف عنا نكرس لدى ذواتنا فكرة صوابنا وخطئه وهذا ليس صحيحاً ولا يمكن قبول تخطئة الآخر لأنه لا يشبهنا اذ لا يوجد اثبات انا على صواب في آرائنا وتوجهاتنا تجاه قضية ما.اللهم الا حب العدل وبغض الجور أو الحب في لله والبغض في لله وتظهر شخصية الانسان بما بنيت عليه افكاره من حواره مع المختلف عنه ولعل القنوات الفضائية والنت قد كشفت لنا عن كثير من الاقنعة لرموز فكرية او سياسية او ثقافية لم تستطع ان تقبل وجهة النظر المختلفة عنها، كما استطاعت ان تعري امام المشاهدين مأزق المحاور المتسلط و ازدواجيته وتناقضه مع افكاره التي ينادي بها من على منبره الاعلامي.حين يقع في الرياء ويقول قولا مبتورا او معارضا للحق خشية على مصالحه الشخصية وأرضاء للناس
أدب الاختلاف
إن طبيعة الاختلاف تفرض آدابه فقد يكون علمياً وقد يكون فكرياً وقد يكون اجتماعياً.. ولكل واحد من هذه الاختلافات أدبه الخاص به. وقد قسَّم هذه الآداب إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: الآداب الأخلاقية:
وتوجد لها مجموعة من الضوابط الأخلاقية التي لابد من مراعاتها مثل (احترام الطرف الآخر بمعنى عدم احتقاره باللفظ او التعابير الحركية، حسن الظن بالآخر، عدم غيبة الآخر وتتبع عيوبه وعوراته؟، عدم تصيد عورات الآخر).
ثانياً: الآداب العلمية:
وتشمل وجوب معرفة اطراف الحوار بالقضية محور النقاش وتمتعهم بالقدرة على ابداء الرأي وحب البحث عن الحقيقة كأسلوب علمي للحكم على الآخر. ولا بد من تكافؤ أطراف الحوار وقد صدق الشافعي رحمه الله: (ما جادلت عالماً إلا وغلبته، وما جادلني جاهل إلا غلبني!). و الشافعي يشير إلى أن هناك صنف من الناس لايجيدوا أدب الأختلاف ومتعصبي الرأي ولايتيحوا للطرف الأخر أن يقول رأيه تحجرا وتشاغبا دون الآداب والالتزام بالموضوعية وإنصاف الرأي الآخر بالابتعاد عن "حب الذات وصنمية الفكر والأشخاص".ولذلك ربما تكون الغلبة لهم ولكن ليس احقاق للحق وابطال الباطل
ثالثاً: الآداب الاجتماعية:
لابد من مراعاة أمور عدة مثل: (التكيّف مع الرأي الآخر وقبول الاختلاف ،عدم إسقاط الآخر اجتماعياً، الاعتراف بحق إبداء الرأي). إننا نعلم اولادنا ونلقينهم آداب الاكل والشرب والنوم..الخ وذلك حسب تعاليم ديننا لكننا ابداً لم نعلمهم اداب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحوار وتأدبه في اللفظ. إن ادب الحوار مهارة يجب ان نحرص على ان يكتسبها الاطفال الذين سيصبحون شبابا يمثلون سواعد مجتمعهم.. هل يؤمن شبابنا اليوم بمقولة الامام الشافعي (ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق ويُسدّد ويُعان، وتكون عليه رعاية الله وحفظه.وما ناظرني أحد الادعوت الله ُ!أن يَظَهَرَِ الحجّةُ على لسانه أو لساني).
سوء الفهم:
ان مشكلة سوء الفهم أو التفاهم واحدة من القضايا المهمة التي نعيشها سواء على الصعيد الفكري او الاجتماعي وما تشهده ساحات الحوار من افراز عدائي هو دليل على سوء الفهم فنحن لا نستطيع ان نحترم من نختلف معه ولا حتى نقبل وجوده، من هنا فاننا نشهد حالة الجفاء وعدم التواصل لبعضنا البعض على الصعيد الفكري، وتحيط بنا عدم الثقة في التعامل مع الآخر، كما اننا استسهلنا توزيع التهم ،وقد تورطنا في محاولة إقصاء الآخر، وقولبته ضمن الممنوع او المختلف الشاذ.ونجد هذا الصنف تسلطى يفرض الحوار بنفوذه أحيانا دون تقوى من الله
والسؤال لماذا نسيء فهم الآخر؟
جزء من تفسير هذه المشكلة يعود بنا الى نظام التربية المعتمد على السلطة الابوية . ان الطفل الذي يقمع رأيه ولا تحترم رغبته لا يمكن ان يوجد لديه متسع لتفهم وجهة النظر المخالفة لوجهة نظره.وألا يربي على الخلاف في الرأي ,ويجب أن يتاح له فرصة أن يقول رأيه دون حجرا أو وصاية حتى وان كانت مخالفة ثم نقنعه بالصواب نحن نسيء الفهم لاننا اصلاً لم نتعرف الى الآخر وربما اشكل علينا التعرف عليه ً او اننا قرأناه بشكل خاطئ. إذن فنحن المسؤولون عن سوء الفهم وسوء التربية سوء الاختلاف ومخالفة أداب الحوار
الاختلاف قائم:
ان اعتمادنا على الفكر المعلب لا يشجع على اثراء المعرفة الفكرية بل التقوقع والانكماش الذي يجمد الفكر والتفكر والتدبر في خلق السموات والأرض وهو عبادة ويتفكرون في خلق السموات والأرض وفي هذا تأخير لم تكن الحياة قائمة على استنساخ الفهم او تناسخ الافكار انما الاختلاف هو سر الابتكار وسر تلاقح الافكار.ونضوجها وتولد الأراء السديدة الرشيدة فاذا استهدفنا ان يكون الجميع كما نحن فلأننا نمارس جرما بحق انفسنا و في حق من حولنا علينا ان نقبل وجود المختلفين عنا وان نبني في اطفالنا وشبابنا الايجابية في التفاعل في تلقي المعلومات والآراء وليس السلبية التي تقضي بقبول كل شيء والاستسلام له او رفض كل شيء مختلف.مادام الأختلاف في الحدود المشروعة اننا بني البشر وان اختلفت آراؤنا وتوجهاتناا نشترك فيما وهبه الله لكل البشر وفضلنا به على مخلوقاته وهو العقل .وهذا بعد أن جمعنا رب واحد وكتاب واحد ورسول واحد محمد صلى الله عليه وسلم هذا العقل قد يقرأ بنور القلب والبصيرة قبل أن يقرا بعينه ولابد أن يكون العقل تابع للنقل ومن خلاله يمكن لنا التفكير بشكل ايجابي لكن مشكلة العقل اننا نحن البشر من يغذيه بالعلم والمعرفة ولذلك كان لزاماً ان يدرك الانسان مسؤوليته تجاه تصوره وفهمه للأمور
ومن الأدلة التي تشهد لفطانة الرسل عليهم السلام قصة نوح عليه السلام مع قومه حيث جادلهم وسلك معهم مسلك الحكمة والأسلوب المقنع إلا أنهم ضاقوا ذرعاً بقوة مجادلته وبيانه وردوه رداً غير جميلٍ.
قال الله تعالى في ذلك الشأن: {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} [هود: 32]. وقد أمره الله بمجادلة خصومه بالتي هي أحسن، والمجادل عليه أن يتميز بنباهة زائدة وفطانة عالية حتى يوصل خصومه إلى طريق الحق ويعرفهم به.اذا كان على هدى من ربه
قال الله تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل: 125]. فأمر الله له بمجادلة الخصوم . وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم يحزن ويشتد حزنه من قول المشركين فيقول تعالى: {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون} [يس: 76].
المصدر: أصول الحوار وآدابه في الإسلام
| |
|