اجاب عليها فضيلة الشيخ
أ.د. ناصر العمر التاريخ 16/6/1427 هـ
السؤال
ماأسباب استقرار الحياة الزوجية؟
الجواب
إذا أريد بالاستقرار الاستمرار مع السكينة والمودة وحسن العشرة، فأجمل أهم الأسباب التي تحقق ذلك بما يلي:
1 – استحضار المعنى العبادي للزواج، وأنه قربة إلى الله لما يحمله من أهداف خيرة، ومعان سامية، ومقاصد معتبرة. كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مَسُعود أنه قال كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ: لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " .رواه البخاري، وحديث أبي ذر "وفي بضع أحدكم صدقة .... الحديث." رواه مسلم ، وحديث معقل بن يسار "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"رواه أبو داود والنسائي.
2 – التزام كل من الزوجين بالحقوق الزوجية، ووفائه بها، فقد عظم النبي _صلى الله عليه وسلم_ شأن هذا الأمر فقال: "إن أعظم الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري.
3 – توافر شروط التكافؤ بين الزوجين، لأنه بمقدار الفروق يكون الافتراق النفسي أو الجسدي.
4 – استحضار المقاصد الكبرى للزواج، فليس مجرد عقد بين فردين للمتعة، وإنما له مقاصده العظمى، ويدل على ذلك أن بقاء النسل والمحافظة عليه إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشرائع لحمايتها وصيانتها من النقص والعبث والابتذال. ومن تلك المقاصد حماية المجتمع من الرذيلة، وإشاعة الفضيلة بل وحماية العقل، والزواج المستقر أحد وسائل حمايته.
5 – اعتبار كل من الزوجين الآخر شريكاً له في حياته، وليس مجرد أجير يستثمره لحاجة آتية تنتهي بانتهاء أسبابها.
6 – أن يدرك كل من الزوجين أن أي خلل في استقرار الحياة الزوجية سيدفع الأبناء ثمنه باهظاً، إما في العاجل أو الآجل، والدراسات العلمية لأسباب الانحراف وزيادة الجريمة تؤكد ذلك.
7 – شعور كل واحد من الزوجين بأنه هو المعنى الأول في بقاء المودة وحسن العشرة واستقرار الحياة الزوجية وبهذا يكمل النقص الذي يقع من الطرف الآخر؛ أما إذا وقع التجاذب وتدافع المسؤولية، وكيل التهم، فعلى البيت السلام.
8 – اعتبار الزواج مشروعاً استراتيجياً، نجاحه يدل على نجاح الفرد، وفشله يعود بتبعاته على طرفي العقد أو أحدهما، ولذلك قال _صلى الله عليه وسلم_: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي وابن ماجة، فتأمل المنطوق والمفهوم تدرك دلالة ذلك.
9 - استعمال القوامة على وجهها الصحيح من الطرفين، فلا يجوز للزوج أن يتعدى حدود مسؤوليته باسم القوامة، ولا يحق له أن يهمل ذلك وقد منحه الله حقاً لا ينازعه فيه غيره. وكذلك على الزوجة أن تفهم حدود القوامة للزوج، حتى لا تنازعه حقاً وهبه الله له، ولا أن ترضى بأن يفرط بواجب حمله الله إياه.
10 – ومع ذلك لا بد من التوسط والاعتدال، واستعمال الرفق من قِبل الزوجين، فإن الرفق ما صاحب شيئاً إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على سواه، ومن ذلك تحمل أي من الزوجين ما يقع من هنات أو تقصير من قبل الطرف الآخر، ومعالجة ذلك بحكمة وبصيرة وبعد نظر، دون إفراط أو تفريط والبعد عن التلاوم، والإفراط في العتاب، فهو أقوى مُذْهِب للمودة.
11 – ومن أهم ما يحقق الاستقرار استحضار المعنى العظيم الذي ذكره الله في كتابه في أكثر من موضع وهو تحقق السكن الروحي والنفسي امتثالاً لقوله _سبحانه_: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً" (الروم: من الآية21)، ومراجعة مدى تحقق هذا الهدف بين مدة وأخرى، وتجديد الحياة الزوجية وصيانتها من الركود فتأسن. والحرّ تكفيه الإشارة.